29 - 06 - 2024

كلام والسلام | في رثاء من بلغ الستين!

كلام والسلام | في رثاء من بلغ الستين!

أنتِ يا من فتحتِ أزرار عُمري، فهوت من قميصهِ السنوات.

الستينيات .. وما أدراك ما الستينات ! تبدو فيها كمن يرقص على السلالم تاركا وراءه عمرا بأكمله ؛ وأمامه سنوات تفر منه كالساعات !

وهاجس يلح عليه: أنت عجوز أكل عليه الزمن وشرب، ولم تعد تلهيه سوى ذكريات هنا وهناك عن: أب أفنى حياته البسيطة وجرى جرى الوحوش ليربى أبناءه ونصيبه فى النهاية لم يحوش؛ تاركا الدنيا غير آسف وهو فى الـ56 من عمره؟ أو عن أم استلمت الراية من بعده ولـ30 عاما ويزيد ؛ لتكمل رسالته قبل أن تموت مهمومة بالزهايمر الذى أستوطنها لـ3 سنوات كاملة.

أو تشغلك ذكريات من عينة: مرضك الأول أو حبك الأول، حينما صدمت بالرفض بنعومة تشبه حد السيف ؛ لتنصرف مهموما باكيا فى حجر أمك !

شريط سنوات عمرك الذى راح وانقضى يلح على خاطرك، بعضه يقول لك : أنت فاشل وبامتياز. أنظر لمن كانوا معك وصاروا ملء السمع والبصر وتكدست أموالهم فى البنوك ؛ أو صاروا من الأعيان وامتلكوا هنا وهناك وأنت محلك سر؟

وبعض يؤكد لك: كل واحد بياخد نصيبه من الدنيا لا تنقص ولا تزيد قيراطا واحدا ؛ أحمد الله على نعمة الصحة والستر والزوجة والعيال.

 وأحيانا يلح على عقلك ما اتخذته من مواقف وأراء كلفتك الكثير ؛ وسط لوم من حولك: عامل ثورجى .. اشرب بقى !

ويعطيك .. أنك لم تأكل من علي كل الموائد، ولم تكن عبدا لصاحب كرسي.

تحاول أن تفلت من دائرة فشلك المستمر، تجرب مرة أن تضع ما ادخرته من فلوس قليلة فى البورصة أو فى الأوراق المالية ؛ فتكون النتيجة : الفشل الذريع !

 تهرب لهواية أحببتها فى الكبر؛ فتشترى عددا من أصص الزرع ؛ وتزرع ورودا وفاكهة وبعض الخضروات .. فتفاجأ أنها لا تنبت أبدا.

 وهكذا تمضى أيامك .. من فشل لفشل!

تفزعك وتوقظك.. يد شخص تربت على كتفك وتقول: سلامتك ..  ياحاج ؟

جملة تلخص كل معاناتك وتعيدك لقواعدك سالما ؛ فلم يعد فى العمر بقية .. وما فات قد فات وما مر من أفراح وأتراح .. لن يعود أبدا.

أصبحت عجوزا بشهادة الناس والزمن ؛ ده عجوز وبيخرف .. متدقش عليه.

 أستوطنت الأمراض بعضا كبيرا من جسدك الذى نحل، وبعد ان كنت تسير بالساعات ؛ أصبحت لاتقوى على صعود سلم أو ركوب أتوبيس دون مساعدة.

البقية فى حياتك .

أنت عجوز .. أعلنت استسلامك وعلقت هزائمك علي الشماعة. 

لا تريد أن تعترف بأن: شيخوختك مثل الحب .. لا يمكنك إخفاؤها!
---------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]
 

مقالات اخرى للكاتب

كلام والسلام | فات الميعاد





اعلان